مُقتطفاتٌ .. مِن ملاذي فِي الحَارة العُمانيَّة :
:
(1)
أنا الراكضة هكذا خلف سهر الحقولِ
وخطيئةِ الماءِ , وتنهيدةِ المطرِ
المتعوشبِ فِي أقصى زاويةٍ للحبِّ
المفجوعِ بغيابِكَ , أبحثُ عن يسوعٍ ما
يمنحني صبرَ الراهباتِ , وبياضَ صحيفتهن
وقُدّاسٍ يَقيني آهةَ الإنتظارِ , وسكك الحديد
اليتيمةِ وهي تطن بصوتها أُذنَ المدينةِ
وأنينَ حبيبةٍ ترفعُ منديلَ الوداعِ
لحبيبها الذي أقسمَ بميلادِ حبهما
أنه سيعودٌ من الحرب , ولم يأتي !
(2)
دعني ألوكُ هذا الحبَّ
إذ تباركَ بِكَ ...
في اثيرَ مُقلتاكَ رسمتُ
درباً مِن الأُمنياتِ الفجَّةِ
وَفي يَدي ألفُ دَعوةٍ مرميةٍ
فِي حُفرةِ النسيانِ , كسرابِ
فجرٍ غرِقت حُقولهُ فِي شمسِ النهارِ ..
(3)
تَبددي يا صمتَ المسافاتِ
وأنتِ تخترقينَ فضاءَ الغيابِ
مكحولةً هكذا , بلونِ المطرِ
الأسودِ , وهو غارقٌ فِي قاراتِ
وجعي , يلوكَ كائناً قد
استحثّهُ الصبرُ على المجيءِ
فارداً قميصهُ المعجونَ بالموسيقى
يهوى طرقَ الأنينِ , وأنا إذْ
وهبتهُ ربيعاً مِن العُمرِ , حِينَ
تخاذلتْ أُممٌ عن تصديقهِ , وهو ينشرُ
آياتهِ مُعمّدةً بالوحيْ الأزلي
لأُنثى يُمكن أن تَكونَ قُدّاسهُ
حينَ تُدنِسهُ أيامُ الحُزنِ , ويغمسهُ
يبابٌ مصقولٌ إشتراهُ مِن بائِعٍ
مُتجولٍ أو حتّى متسولٍ , في حينٍ
مِن الشَّكِ , لَم يَكُ منذوراً إلَّا
بالوعودِ اليتيمةِ , والهزيلةِ ..!
(4)
فِي صَمتي أنا ملامحُ أخرى
أقربُ لنهرٍ هَرمٍ بعدَ
جري مُضنٍ !
فِي صَمتي يتآكلُ الصبَّارُ
مِن نَفسهِ وَجعاً / انتقاماً
لأمهِ الصحراء التي غدرتْ
رِمالها بإبنائِها !
فِي صَمتي يكبرُ الليلُ خطيئةً
لأنثى يُهاجِمُ البُكاءُ قَلبَها
فَتشفيهِ بالصُراخِ على الوسادةِ !
فِي صَمتي تتكوّرُ الشمسُ
فِي كَفِّ شَيخٍ قرَأ تَاريخي
وَنسي كيفُ يُضييءُ عِتمةَ الأقدارِ !
فِي صَمتي يَغرقُ الكلامُ فِي روزنامةِ
حرفٍ ضَحلٍ , ولا أقوى عَلى اسْعافهِ
لأنَّ صَمتي فِي غيابِكَ وجهٌ آخرَ للموتِ !
(5)
ما زلتُ أذكر ذاكَ المطرَ وهو
يتسلّل إلى منافذي بحثاً عنكَ
فيَّ !
يُبلّلُ ما يمكنُ لهُ أن يطَالهُ
وأنَا يَمامةٌ تعشقُ رفرفةَ
الندى في جناحيها !
استفاقتْ فيها حُمّى العشقِ
مُذ النظراتِ والأولى , واللغةِ الأولى
والجوعِ الأوّلِ لهذا القلبِ الساكنِ
فينا !
أشعركَ قادمٌ مِن سماءٍ لا تُمطرُ
إلا قلوبُ ياسمينٍ أبيضَ , تنشرهُ
بإتساعِ حدقتينا , ونحن نربِطها
بروحينا , ونضحكُ , ونتشاطرُ
لُعبةً الحُبِّ , والغرامِ , ولا
نعِي كم أنفقنا من حصالتنا
مشاعرَ , قدْ تنتهي يوماً !
(6)
عينيكَ سفرٌ آخرَ لأحلامي ..
على غفلةٍ منكَ دسستُ بِذرتها
فِي تُرابكَ , هذا حتما يقينٌ
تامٌ لا يشوبهُ الشكُّ بأنَّ
أرضَكَ دائِماً تُزهرُ بالبنفسجِ !
***
أُقايظُ الله بِعُمري أنْ يَهبِكَ
ما أملكُ مِن سنينٍ فَقطْ
لأعيشَ أكبر قَدرٍ مُمكنٍ
مِنَ الحُبِّ وإيّاكَ , وبَعدها
أفنى / لا فَرقَ لديَّ !
***
أنْ أُبقيكَ حبيسَ أضلُعي
وسجونُ عينيَّ / هذا استبدادٌ
مِني , وأنْ تُبقيني عزلاءَ
بلا قلبٍ / روحٍ / وطنٍ / أرضٍ
إلا في حضوركَ , ماذا تُسميهِ؟
(7)
(8)
في غيابِكَ كانت هسهساتُكَ تصلني دونَ وسيطٍ
لتعيدَ لِي روحاً أظن أنكَ سلبتها أو أهديتُكَ
إياها في موسمِ جُنونٍ إنتابَني فقط لأنني أحبكَ !
"""
فِي غيابِكَ كنتُ أتشفى منْ نَفسي بالعِتابِ, كُلّما
اشتقتُكَ وأنتَ فِي غيابةِ انشغالكَ , ولا تبعثُ لِي
حتّى (مسج) , لِتُشْعِرني أنّكَ مَحفوفٌ بِروحي
وبركاتِ حُبّي !
"""
فِي غيابِكَ تحدثتُ مُطولاً عَن صبرِ العُشَّاقِ
وَتلوتُ أكثرَ آياتِ الإنتِظارِ , حتّى أُبقي
قَلبي فِي سِردابِ اليَقينِ بأنَّكَ تَتذكَرُني
مَع أنْفاسِكَ !
"""
فِي غيابِكَ أغلقْتُ كُلَّ بهرجاتِ الحياةِ
ومفَاتنِ المُتعةِ عَن رُوحي ؛ لِأنَّ ما من
شيءٍ يُفتِنُها سِوى حُضوركَ !
"""
فِي غيابِكَ صادقتُ ورقَ الأشجارِ , وحفيفَ
الوادي الذي أزرهُ كُلَّما استيقظَ طِفلُ شوقي
لكَ , لأبث لَهُ لواعِجَ أحلامي , وآمالي وأشواقي !
"""
فِي غيابِكَ كُلَّ كواكبي تحيدُ عن مساراتِها
ذلك لأن شمسك الأصيلُ , أظلمتْ عن بعثِ
ضوء الأملِ فيها فإنهارتْ !
"""
فِي غيابكَ كنتُ اشكيكَ لأبي_رحمه الله_
بأنَّك رجلٌ تهوى حُبَّي , بِحجمِ الغياب
الذي تقترفهُ فِي حقي !
(9)
أشعرُ بِرغبةٍ فِي الإنْزواءِ
لِركنٍ يُشْبِهُني , مَنبوذٌ هكذا
مِن قَارِعةِ المَسافاتِ وَالعيونِ
إنَّ القِناعَ الذي عَلى وَشكِ
أنْ ألبَسهُ _ في الحقيقةِ هو أصرَّ أن يلبسني_
يَجذِبُني لِلغَايةِ !
أنْ أصنعَ منهُ عَالمٌ يَراني فيهِ
الكُلُّ بِمزَاجٍ فَرحٍ , وأرى فيهِ
بِالمُقابِل حجمَ تَعَاستي !
غَريبٌ أن تَكتشِفَ أنَّك غريبٌ فِي نفسِكَ
وَدمكَ , وأشياءِكَ !
أنْ تَلفُظْكَ أحبُّ مَقتنياتُكَ
أنْ لَا تتعَرّف عليكَ الأمَاكِن الأكثرُ
وفاءً لِرائِحتكَ !
أنْ تَبقى أسيرَ اللحظَاتِ المخنوقةِ بقيودِ
الآهاتِ السالفةِ مِن العُمرِ
أنْ تَقولَ لِموتٍ جَاءَ مُبهرجاً
هَكذا لِما أخذتَ أعزَّ ما أملكُ , ولَم
أجذبكَ لِتأخذني أنا !!
مَا أوجعَ لَحظاتِ الخساراتِ المفندةِ
بأنَّ يعوضنا القدرُ بهدايا سخيَّةٍ
مُستقبلاً !
أنَّ ما أُخذ مِنكَ , سَيأتي غيرهُ
أضعافاً مُضاعفةً , لِتبدأ بِرحلةِ
السفرِ إلى حيثُ تُغذي هَذا الحُلمَ
وَتستهلِكُ أجملَ سِنينِ عُمركَ
وأنتَ تلهثُ وراءَ حُفنةِ فرحٍ
وحلمٍ موءودٍ بِالإختناقِ الصبرِ
والإنتظارِ !
أشعُرني مملوءةً بالأسى مرّةً
ومرّةً مُكتنزةً بِالوحدةِ
إنَّ شيئاً كـ مَنظومةِ الفَوضى
تَفْرضُ سُلطتها عَلى أشيائيَّ ..
وأنا أُرحب بِها ..
لأنه لا شيءَ الآنْ يقتلُ صَمتَ
قلبي / روحي سِوى جيشٌ مِن
الصُراخِ والعبَثِ بِالأحزانِ المنسيَّةِ !
(10)
هَذا الصباحُ وَجهي يُشبهُ أسماكَ الصيفِ
حينَ تهوى الهُروب لِلقاعِ بحثاً عَن مَخبيءٍ
عَميقٍ حَالِكاً بِالوحدةِ / العُزلةِ / الصمتِ !
هَذا الصباحُ أشْعرني ناسِكةً تُغطي
رأسَ أحزَانها بِقطعةِ شالٍ ؛ حتّى لا تُبطِلَ
طقوسَ خيبَاتِها !
هَذا الصَباحُ أملكُ أُمماً مِن الأوجَاعِ
تَثورُ فِي دَمعي / قَلبي , وأنَا مُسْتَسلمة !
هَذا الصباحُ اشتاقُ أن أكونَ أماً
لِطفلٍ مَجهولٍ لا ينجبهُ رحمي ..
حتّى لا أبكي حينَ يودعُني !
هذا الصباحُ أنا هِي أنا الحقيقيةْ
بفَضلِ الحزنِ والأقدارِ التي ساقتها لي !
***
:
(1)
أنا الراكضة هكذا خلف سهر الحقولِ
وخطيئةِ الماءِ , وتنهيدةِ المطرِ
المتعوشبِ فِي أقصى زاويةٍ للحبِّ
المفجوعِ بغيابِكَ , أبحثُ عن يسوعٍ ما
يمنحني صبرَ الراهباتِ , وبياضَ صحيفتهن
وقُدّاسٍ يَقيني آهةَ الإنتظارِ , وسكك الحديد
اليتيمةِ وهي تطن بصوتها أُذنَ المدينةِ
وأنينَ حبيبةٍ ترفعُ منديلَ الوداعِ
لحبيبها الذي أقسمَ بميلادِ حبهما
أنه سيعودٌ من الحرب , ولم يأتي !
(2)
دعني ألوكُ هذا الحبَّ
إذ تباركَ بِكَ ...
في اثيرَ مُقلتاكَ رسمتُ
درباً مِن الأُمنياتِ الفجَّةِ
وَفي يَدي ألفُ دَعوةٍ مرميةٍ
فِي حُفرةِ النسيانِ , كسرابِ
فجرٍ غرِقت حُقولهُ فِي شمسِ النهارِ ..
(3)
تَبددي يا صمتَ المسافاتِ
وأنتِ تخترقينَ فضاءَ الغيابِ
مكحولةً هكذا , بلونِ المطرِ
الأسودِ , وهو غارقٌ فِي قاراتِ
وجعي , يلوكَ كائناً قد
استحثّهُ الصبرُ على المجيءِ
فارداً قميصهُ المعجونَ بالموسيقى
يهوى طرقَ الأنينِ , وأنا إذْ
وهبتهُ ربيعاً مِن العُمرِ , حِينَ
تخاذلتْ أُممٌ عن تصديقهِ , وهو ينشرُ
آياتهِ مُعمّدةً بالوحيْ الأزلي
لأُنثى يُمكن أن تَكونَ قُدّاسهُ
حينَ تُدنِسهُ أيامُ الحُزنِ , ويغمسهُ
يبابٌ مصقولٌ إشتراهُ مِن بائِعٍ
مُتجولٍ أو حتّى متسولٍ , في حينٍ
مِن الشَّكِ , لَم يَكُ منذوراً إلَّا
بالوعودِ اليتيمةِ , والهزيلةِ ..!
(4)
فِي صَمتي أنا ملامحُ أخرى
أقربُ لنهرٍ هَرمٍ بعدَ
جري مُضنٍ !
فِي صَمتي يتآكلُ الصبَّارُ
مِن نَفسهِ وَجعاً / انتقاماً
لأمهِ الصحراء التي غدرتْ
رِمالها بإبنائِها !
فِي صَمتي يكبرُ الليلُ خطيئةً
لأنثى يُهاجِمُ البُكاءُ قَلبَها
فَتشفيهِ بالصُراخِ على الوسادةِ !
فِي صَمتي تتكوّرُ الشمسُ
فِي كَفِّ شَيخٍ قرَأ تَاريخي
وَنسي كيفُ يُضييءُ عِتمةَ الأقدارِ !
فِي صَمتي يَغرقُ الكلامُ فِي روزنامةِ
حرفٍ ضَحلٍ , ولا أقوى عَلى اسْعافهِ
لأنَّ صَمتي فِي غيابِكَ وجهٌ آخرَ للموتِ !
(5)
ما زلتُ أذكر ذاكَ المطرَ وهو
يتسلّل إلى منافذي بحثاً عنكَ
فيَّ !
يُبلّلُ ما يمكنُ لهُ أن يطَالهُ
وأنَا يَمامةٌ تعشقُ رفرفةَ
الندى في جناحيها !
استفاقتْ فيها حُمّى العشقِ
مُذ النظراتِ والأولى , واللغةِ الأولى
والجوعِ الأوّلِ لهذا القلبِ الساكنِ
فينا !
أشعركَ قادمٌ مِن سماءٍ لا تُمطرُ
إلا قلوبُ ياسمينٍ أبيضَ , تنشرهُ
بإتساعِ حدقتينا , ونحن نربِطها
بروحينا , ونضحكُ , ونتشاطرُ
لُعبةً الحُبِّ , والغرامِ , ولا
نعِي كم أنفقنا من حصالتنا
مشاعرَ , قدْ تنتهي يوماً !
(6)
عينيكَ سفرٌ آخرَ لأحلامي ..
على غفلةٍ منكَ دسستُ بِذرتها
فِي تُرابكَ , هذا حتما يقينٌ
تامٌ لا يشوبهُ الشكُّ بأنَّ
أرضَكَ دائِماً تُزهرُ بالبنفسجِ !
***
أُقايظُ الله بِعُمري أنْ يَهبِكَ
ما أملكُ مِن سنينٍ فَقطْ
لأعيشَ أكبر قَدرٍ مُمكنٍ
مِنَ الحُبِّ وإيّاكَ , وبَعدها
أفنى / لا فَرقَ لديَّ !
***
أنْ أُبقيكَ حبيسَ أضلُعي
وسجونُ عينيَّ / هذا استبدادٌ
مِني , وأنْ تُبقيني عزلاءَ
بلا قلبٍ / روحٍ / وطنٍ / أرضٍ
إلا في حضوركَ , ماذا تُسميهِ؟
(7)
عِندما اكتبُ لكَ استشعر طعم السكر
ينفذُ لِمساميَّ , فأستكين !
عندما اكتبُ لكَ تُساورُني قبائِلُ
مِن النشوةِ , فأتزاوجُ معها
لأراكَ فقط !
عِندما اكتب لكَ أُطلقُ الحياةَ
لأقترفَ الموتَ , فقطْ لتراني ملاكاً !
عندما اكتب لكَ تنهال السماءُ
عليَّ بمطرٍ , لأنك مباركٌ منها !
عندما اكتبُ لكَ تُبحِر كل السفنِ
بإتجاهِ قبلتِكَ , مُسلّمةً بوصلتها
لعينيكَ !
عندما اكتبُ لكَ تغرقُ كل المحيطاتِ
فِي نظراتِكَ لِي !
عندما اكتب لكَ أجزمُ يقيناً
أنَّ جُنوني بدأ , وأظن أنه لن ينتهي
إلا بكَ !
ينفذُ لِمساميَّ , فأستكين !
عندما اكتبُ لكَ تُساورُني قبائِلُ
مِن النشوةِ , فأتزاوجُ معها
لأراكَ فقط !
عِندما اكتب لكَ أُطلقُ الحياةَ
لأقترفَ الموتَ , فقطْ لتراني ملاكاً !
عندما اكتب لكَ تنهال السماءُ
عليَّ بمطرٍ , لأنك مباركٌ منها !
عندما اكتبُ لكَ تُبحِر كل السفنِ
بإتجاهِ قبلتِكَ , مُسلّمةً بوصلتها
لعينيكَ !
عندما اكتبُ لكَ تغرقُ كل المحيطاتِ
فِي نظراتِكَ لِي !
عندما اكتب لكَ أجزمُ يقيناً
أنَّ جُنوني بدأ , وأظن أنه لن ينتهي
إلا بكَ !
(8)
في غيابِكَ كانت هسهساتُكَ تصلني دونَ وسيطٍ
لتعيدَ لِي روحاً أظن أنكَ سلبتها أو أهديتُكَ
إياها في موسمِ جُنونٍ إنتابَني فقط لأنني أحبكَ !
"""
فِي غيابِكَ كنتُ أتشفى منْ نَفسي بالعِتابِ, كُلّما
اشتقتُكَ وأنتَ فِي غيابةِ انشغالكَ , ولا تبعثُ لِي
حتّى (مسج) , لِتُشْعِرني أنّكَ مَحفوفٌ بِروحي
وبركاتِ حُبّي !
"""
فِي غيابِكَ تحدثتُ مُطولاً عَن صبرِ العُشَّاقِ
وَتلوتُ أكثرَ آياتِ الإنتِظارِ , حتّى أُبقي
قَلبي فِي سِردابِ اليَقينِ بأنَّكَ تَتذكَرُني
مَع أنْفاسِكَ !
"""
فِي غيابِكَ أغلقْتُ كُلَّ بهرجاتِ الحياةِ
ومفَاتنِ المُتعةِ عَن رُوحي ؛ لِأنَّ ما من
شيءٍ يُفتِنُها سِوى حُضوركَ !
"""
فِي غيابِكَ صادقتُ ورقَ الأشجارِ , وحفيفَ
الوادي الذي أزرهُ كُلَّما استيقظَ طِفلُ شوقي
لكَ , لأبث لَهُ لواعِجَ أحلامي , وآمالي وأشواقي !
"""
فِي غيابِكَ كُلَّ كواكبي تحيدُ عن مساراتِها
ذلك لأن شمسك الأصيلُ , أظلمتْ عن بعثِ
ضوء الأملِ فيها فإنهارتْ !
"""
فِي غيابكَ كنتُ اشكيكَ لأبي_رحمه الله_
بأنَّك رجلٌ تهوى حُبَّي , بِحجمِ الغياب
الذي تقترفهُ فِي حقي !
(9)
أشعرُ بِرغبةٍ فِي الإنْزواءِ
لِركنٍ يُشْبِهُني , مَنبوذٌ هكذا
مِن قَارِعةِ المَسافاتِ وَالعيونِ
إنَّ القِناعَ الذي عَلى وَشكِ
أنْ ألبَسهُ _ في الحقيقةِ هو أصرَّ أن يلبسني_
يَجذِبُني لِلغَايةِ !
أنْ أصنعَ منهُ عَالمٌ يَراني فيهِ
الكُلُّ بِمزَاجٍ فَرحٍ , وأرى فيهِ
بِالمُقابِل حجمَ تَعَاستي !
غَريبٌ أن تَكتشِفَ أنَّك غريبٌ فِي نفسِكَ
وَدمكَ , وأشياءِكَ !
أنْ تَلفُظْكَ أحبُّ مَقتنياتُكَ
أنْ لَا تتعَرّف عليكَ الأمَاكِن الأكثرُ
وفاءً لِرائِحتكَ !
أنْ تَبقى أسيرَ اللحظَاتِ المخنوقةِ بقيودِ
الآهاتِ السالفةِ مِن العُمرِ
أنْ تَقولَ لِموتٍ جَاءَ مُبهرجاً
هَكذا لِما أخذتَ أعزَّ ما أملكُ , ولَم
أجذبكَ لِتأخذني أنا !!
مَا أوجعَ لَحظاتِ الخساراتِ المفندةِ
بأنَّ يعوضنا القدرُ بهدايا سخيَّةٍ
مُستقبلاً !
أنَّ ما أُخذ مِنكَ , سَيأتي غيرهُ
أضعافاً مُضاعفةً , لِتبدأ بِرحلةِ
السفرِ إلى حيثُ تُغذي هَذا الحُلمَ
وَتستهلِكُ أجملَ سِنينِ عُمركَ
وأنتَ تلهثُ وراءَ حُفنةِ فرحٍ
وحلمٍ موءودٍ بِالإختناقِ الصبرِ
والإنتظارِ !
أشعُرني مملوءةً بالأسى مرّةً
ومرّةً مُكتنزةً بِالوحدةِ
إنَّ شيئاً كـ مَنظومةِ الفَوضى
تَفْرضُ سُلطتها عَلى أشيائيَّ ..
وأنا أُرحب بِها ..
لأنه لا شيءَ الآنْ يقتلُ صَمتَ
قلبي / روحي سِوى جيشٌ مِن
الصُراخِ والعبَثِ بِالأحزانِ المنسيَّةِ !
(10)
هَذا الصباحُ وَجهي يُشبهُ أسماكَ الصيفِ
حينَ تهوى الهُروب لِلقاعِ بحثاً عَن مَخبيءٍ
عَميقٍ حَالِكاً بِالوحدةِ / العُزلةِ / الصمتِ !
هَذا الصباحُ أشْعرني ناسِكةً تُغطي
رأسَ أحزَانها بِقطعةِ شالٍ ؛ حتّى لا تُبطِلَ
طقوسَ خيبَاتِها !
هَذا الصَباحُ أملكُ أُمماً مِن الأوجَاعِ
تَثورُ فِي دَمعي / قَلبي , وأنَا مُسْتَسلمة !
هَذا الصباحُ اشتاقُ أن أكونَ أماً
لِطفلٍ مَجهولٍ لا ينجبهُ رحمي ..
حتّى لا أبكي حينَ يودعُني !
هذا الصباحُ أنا هِي أنا الحقيقيةْ
بفَضلِ الحزنِ والأقدارِ التي ساقتها لي !
***